الوديعة البنكية

تعتبر الودائع المصرفية و تسمى أيضا بالحسابات البنكية من أهم مصادر الأموال في البنوك عامة بما في ذلك البنوك الاسلامية لانخفاض تكلفة الحصول عليها مقارنة مع المصادر الاخرى, اضافة الى كون البنوك هي المؤسسات الوحيدة المخولة قانونا بقبول الودائع المصرفية. لهذا تولي البنوك أهمية كبرى لهذه الودائع و تتنافس فيما بينها للحصول على أكبر قدر منها.

تعتبر الودائع البنكية من أدوات الاستثمار و التداول الرئيسية في البنوك الإسلامية, بل انها تشكل العمود الفقري لها. و يقبل البنك الاسلامي الودائع بأنواعها جاعلا الخدمة الاجتماعية في الاعتبار الأول، عكس البنك التقليدي الذي يحرص على الاستفادة من تلك النقود وتداولها بالفائدة عن طريق القروض الربوية، بينما يقوم البنك الإسلامي بتوظيفها في شتى مجالات الاستثمار عبر الوسائل الإسلامية المشروعة.

وقد تم تعريف الوديعة البنكية على أنها النقود التي يعهد بها الأفراد أو المؤسسات الى البنك على أن يتعهد هذا الأخير بردها أو رد مبلغ مساو لها لدى الطلب أو حسب الشروط المتفق عليها.

بناءا على هذا التعريف فللبنك الحق في استخدام الوديعة البنكية و اقراضها, كما يعتبر أيضا ضامنا للمبلغ المودع في جميع الحالات, أما بالنسبة للمودع فهو يحصل على مبلغ زائد عن الوديعة (فائدة), و هو مشروط في العقد صراحة أو ضمنا. هذا في البنوك التقليدية أما البنوك الاسلامية فلا تدفع فوائد على الودائع, و انما هي قروض حسنة يقدمها العميل الى البنك الاسلامي و يمكنه التصرف فيها.

وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي :

أولا: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن البنك المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها، و هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب. و لا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئا.
ثانيا: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي :

• الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة، سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير .
• الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة ،و تنطبق عليها أحكام المضاربة في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.

بالتالي تنقسم الودائع البنكية في البنوك الاسلامية الى ما يلي:

1- ودائع تحت الطلب (الحساب الجاري):

يُقصد ﺑﻬا أن المبالغ الي يودعها أصحاﺑﻬا لدى المصارف تكون حاضرة التداول و تحت طلب المتعاملين في أي لحظة، فمتى أرادها العميل يستطيع سحبها من رصيده. و تسمى بالحسابات الجارية بمعنى أنها متحركة و سميت تحت الطلب لأنها جاهزة للسحب في أي لحظة يريدها العميل دون اعتبار لمكان و ساعة وجوده. بحيث يمكن سحبها كلها و التصرف فيها بموجب شيكات أو بموجب أوامر دفع, أو أي صيغة أخرى .

و تعتبر هذه الودائع قرضا من صاحب الحساب إلى المصرف, لأن البنك مقترض لها و مأذون في التصرف فيها و الانتفاع بها و تكون مضمونة من البنك. و لاتدفع البنوك الاسلامية أو التجارية فائدة على هذا النوع من الحساب لأنها لا تدخل في حساب الاستثمار أو المضاربة, و انما هي دائما تحت الطلب فلا يتسنى له استثمارها.

و قد تم تأييد هذا بما جاء في توصيات البنك الاسلامي في دبي عام 1979/1399 من عدم استحقاق الحساب الجاري لأي نصيب في أرباح الاستثمار.

أما الهدايا التي توزع أحيانا على أصحاب هذه الحسابات فهي على نوعين:

    • هدايا على سبيل التسويق و الدعاية للبنك, فهو يقدمها لجميع الناس سواء من لهم حسابات جارية أو من لم يكن لهم حسابات جارية دون النظر إلى رصيد العميل, فقبول مثل هذه الهدايا جائز و لا يترتب عليه محظور.
  • هدايا خاصة بأصحاب الحسابات الجارية و التي يراعى فيها رصيد العميل, فإذا كان رصيد العميل كبيرا أُعطي هدية مهمة, و إذا كان رصيد العميل قليلا أعطي هدية صغيرة على قدر رصيده. فهذا النوع من الهدايا هو في الحقيقة له حكم هدية المقرض للمقترض أو المقترض للمقرض و هي لا تجوز للقاعدة الشرعية كل قرض جرّ نفعا فهو ربا.

أما الخدمات التي يقدمها البنك، فلا تعتبر هدايا و إنما كنوع من الخدمة التي تساعد العميل و تسهل له الوصول إلى رصيده, كأن يعطيه دفتر شيكات مجانا أو يعطيه بطاقة مصرفية كبطاقة الصراف العادية أو خدمة الإنترنت، فعلى الرغم من أن البنك يتحمل رسوما لإصدارها يعطيها مجانا، و هذه الخدمات ليست من الفائدة في القرض و هي جائزة لأنها تسهل للعميل الوصول إلى حقه.

تجدر الاشارة الى أن تسمية الحسابات الجارية بالودائع المصرفية, ليس المقصود منه الودائع بالعرف الشرعي بل بالعرف المصرفي, لأنه لو أخضعناها لأحكام الوديعة المعروفة شرعا أي أنها مودعة بغرض الحفظ لما جاز للبنك أن يتصرف بها، ولا أن يشغلها ويتكسب منها.

2- الودائع او الحسابات الاستثمارية المشتركة :

و هي التي يقصد أصحابها تشغيلها من أجل الربح سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. و لايسحب أصحابها منها شيئا الا بعد اخطار البنك بمدة معينة,كما أن البنوك التقليدية تدفع فائدة اذا بقيت مدة معينة دون أن تسحب.

و يقصد بتفويض البنك استثمار الودائع بطريقة مباشرة, توكيل البنك بأن يباشر الاستثمار بمفرده وفقا لشروط معينة بين البنك و أصحاب الأموال. و يستحق البنك حينئذ نسبة من الربح بحسب الاتفاق الحاصل بين الطرفين.

أما الاستثمار بطريقة غير مباشرة فهو تمكين البنك بأن يستثمر الأموال بالمشاركة مع غيره من رجال الأعمال المستثمرين أي المضاربين, و يكون المودعون هم أرباب المال و يعتبر العقد هنا مضاربة مشتركة.

و تشتمل حسابات الاستثمار المشترك في البنوك الاسلامية على :

    • حسابات التوفير: و هي الحسابات التي يحتفظ المودعون على أساسها بدفتر توفير تسجل فيه كافة عمليات السحب و الايداع في الحساب وفق الشروط و الضوابط التي يضعها البنك.و الهدف منهاتشجيع صغار المدخرين على الادخار. و قد جاء في توصيات مؤتمر المصرف الثاني في دبي لعام 1997/1399, أنه لا تعطى أرباح على أرصدة الحسابات الادخارية الا في الحالة التي ينص فيها عند طلب فتح الحساب على أن المعاملة بين المودع و البنك الاسلامي تأخد حكم المضاربة. و على هذا تكون هذه النسبة مضمونة من البنك,فاذا دخلت هذه الودائع في الأعمال الاستثمارية استحق أصحابها نسبة من الأرباح المحققة وفقا لنسب مئوية يحددها مجلس ادارة البنك.
    • حسابات لأجل: وهي الودائع المرتبطة بأجل محدد لا يجوز لأصحابها السحب منها الا بعد انقضاء المدة المحددة. و الغرض الأساسي الذي يسعى اليه المودع هنا هو الكسب المتمثل في الفائدة بالنسبة للبنوك التقليدية أو الربح بالنسبة للبنوك الاسلامية, و التي يحصل عليها العميل من جراء هذه الوديعة.
  • حسابات خاضعة لاشعار: و تسمى أيضا بالودائع باخطار, و هي الودائع المرتبطة بأجل معين, و يحق لصاحبها السحب منها قبل نهاية المدة المحددة لكن شريطة تقديم اشعار كتابي للبنك قبل السحب بمدة متفق عليها.

جدير بالذكر أن هناك بعض المعاملات المصرفية التي تتم في بعض البنوك و تعتريها الشبهات, و هي:

1- السحب على المكشوف:

هي حسابات ملحقة بالحسابات الجارية، فإذا تجاوز صاحب الحساب رصيده فتسمى سحبا على المكشوف لأن الحساب لم يعد مغطى، لذلك تصبح قرضا من البنك لصاحب الحساب. و هذه الخدمة لا تجوز في البنوك الاسلامية حيث لا يتم التعامل بالفائدة أخذا أو عطاءا. و يمكن تخريج هذه المعاملة و ذلك إما بأن تكون قرضا حسنا، أو أن تتم بصيغ تمويل إسلامية كالمضاربة مثلا.

2- التسهيلات الائتمانية:

و هي حسابات ملحقة بالحسابات الجارية، حيث يمنح البنك صاحب الحساب رصيدا بحدود معينة يستطيع سحبه مقابل فائدة محددة. وبذلك تصبح قرضا من المصرف لصاحب الحساب بربا. و هذه المعاملة لا تجوز, بل إنه من المفيد ذكره أن خسارة البورصة السعودية عام 2006 بلغت 320 مليار دولار كان معظمها (أكثر من 52 %) مغطى بموجب تسهيلات ائتمانية.

مقالات قد تهمك :

❖ تعريف البنوك الإسلامية
❖ المماطلة في تسديد الديون
❖ الفرق بين المصارف الإسلامية و التقليدية
البنوك التشاركية في المغرب

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم