ليبيامقالات و أراء

مشكلة التمويل لدى المصارف الإسلامية

محمد-المختار
                محمد المختار

ظهرت المصارف الإسلامية في البلاد عقد الثمانينيات الماضية وذلك مع ظهور أول مصرف إسلامي وهو بنك البركة الإسلامي الذي تم إنشاؤه سنة 1985م ، وشهدت هذه التجربة تعثرا كبيرا نظرا لمعوقات التطبيق الفعلي والعملي للتجربة ، قبل أن تعزز من جديد مع تجربة جديدة في ميدان المعاملات الإسلامية وهي التي بدأت مع إنشاء البنك الوطني للمعاملات المعروف اختصارا ب bnm ومجموعة من البنوك الأخرى التي ظهرت في الآونة الأخيرة ، حاول هؤلاء التغلب على المشاكل والمعوقات التي اعترضت التجربة الأولى ، إلا أنهم الآن _ حسب وجهت نظري _ أصبحوا يمرون بعدد من المشاكل ، فالناظر فيها يمكن له أن يقسم هذه المشاكل التي تعاني منها المصارف الإسلامية إلى قسمين :

القسم الأول : يصدر من خارج البنك الإسلامي كالأنظمة التي تحكم النشاط المصرفي ، والمنهج الإقتصادي الغالب على البيئة التي يوجد فيها البنك الإسلامي

القسم الثاني :  يصدر من البنك نفسه ، كتساهله في بعض الأحكام الشرعية ووقوعه في الشبهات ، وتقليده المناهج المخالفه على نحوي يفقده تميزه ونحو ذلك ، ولا شك أن هذا القسم من المشاكل يؤاخذ البنك الإسلامي عليه إذ هو صادر منه فبمقدوره التغلب عليه ، ولما كانت المشكلات التي تعاني منها الماصرف الإسلامية في موريتانيا كثيرة فلا يتسع قطعا المقام هنا لذكرها جميعا وحصائها ودراستها وإنما سنكتفي هنا فقط بمشكلة التمويل ،

فمعلوم أن البنوك الإسلامية تعتمد في تمويلها على البيع والتجارة من مرابحة ومضاربة ومشاركة ، بمعنى أن النقود في البنوك الإسلامية ليست غاية ولكن وسيلة ، فمثلا المحتاج لسلعة ما لا يعطيه البنك الإسلامي نقودا تمكنه من شرائها كما يفعل البنك الربوي ، لكن يحضر السلعة ومن ثم يبيعها عليه بطريقة تناسبه ، وهنا تكمن المفارقه بين البنك الإسلامي والربوي ، وبين البيع والربا .

والمتأمل اليوم في طريقة التمويل في المصارف الإسلامية من خلال عملية المرابحة بالخصوص التي لها القدح المعلى في عمل البنوك الإسلامية ، يجدها تسير على نحو يقربها من التمويل في مفهومه الربوي !! وذلك أن كثيرا من البنوك الإسلامية في البلاد ولا أخص بالذكر أحد تتساهل في شأن السلعة التي هي قوام البيع ، ومن مظاهر هذا التساهل وعدم الرغبة في السلعة :

أ _ تهاون بعض البنوك الإسلامية في قبض البضاعة

ب_ إلزام العميل الآمر بوعده بالشراء

ج _ أخذ هامش جدية من العميل بمجرد المواعدة وقبل العقد بإلزامه بوعده … إلخ

وهذه الظاهرة تدل دلالة واضحة على أن البنك لم يكن غرضه التجارة فشاكل بذلك البنوك الربوية ، وهذه المشكلة تدخل هذه المعاملة حمي البيوع المشتبه فيها والتي يعدها العلماء من الربا والذرائع وكأنما يصدق عليهم قول الدرديري《 فأهل العينة قوم نصبوا أنفسهم لطلب شراء السلع منهم ، وليست عندهم فيذهبون إلى التجار ليشتروها ، بثمن ليبيعوها للطالب ، وسواء باعها لطالبها بثمن حال أو مؤجل أو بعضه حال أو مؤجل 》 الشرح الصغير ج/ 3 ص/129  وأري أن مرد مشكلة هذا النوع من التمويل يرجع إلى نقطتين أساسيتين :

أولا : أن البنك الإسلامي قد استقر في ذهنه وخامر عقله المنهج الذي تسير عليه البنوك الربوية ، بل المنهج الذي تعج به الساحة الإقتصادية عموما ، وهذا واضح جليا للناظر حيث أن جميع المدراء والكادر البشري للبنوك الإسلامية في البلاد متخصصين أساسا في الإقتصاد التقليدي ، وغالبيتهم لا يملكون خلفية عن المذهب الإقتصادي ، وهذا ما جعل البنك الإسلامي يسير مع الركب من حيث يشعر أو لا يشعر

ثانيا : النقود التي تأخذها البنوك الإسلامية من الأفراد إما على هيئة قرض ، أو وديعة  مما يجعلها تخشى الإتجار بها ، وتحرص على تحويلها إلى نقود ما أمكن ذلك حفاظا على أموال المودعين ، وبهذا المنهج صارت كثير من البنوك الإسلامية تعد بقاء السلعة لديها ضررا يسوغ لها أن تلزم العميل بالشراء ، وتطالب العميل بالتعويض عند نكوله ، وأيا كانت الأحوال فإن هذا المنهج قد وفد من اقتصاد ليس كقتصادنا ، وبيئة ليست كبيئتنا ، ويبقي السؤال المطروح هل يبني اقتصاد إسلامي بفكر غير إسلامي ؟!!

السراج الإخباري.

[box type=”shadow” align=”aligncenter” class=”” width=””]مقالات ذات صلة :

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم