مقالات و أراء

الديون المتعثرة في المصارف الاسلامية: الأسباب والمعالجات

تحديات-الأبناك-الاسلامية

نبذة تاريخية من بداية الصيرفة الاسلامية

1- تعتمد المعاملات الاسلامية على مبدأ او ركيزة حِلية المعاملات من عدمها, فإذا كانت المعاملة في اطارها وتفاصيلها حلال أُعتمدت, وإن وجدت شبه حرام أو فساد ترفض مع تفصيلات كثيره اخرى. وبذلك فإن اعتماد حلية إجراء المعاملات تعود لبدء الخليقة, ولكن لم تكن ضمن اطار مؤسساتي أو فكري محدد أو تنظيمي, وإنما ضمن فتاوي رجال الدين وحسب اديانهم ومذاهبهم. ولم تظهر فكرة البنوك و المصارف الاسلامية والمطالبة بإنشاءها حتى بداية الثلاثينيات من القرن العشرين, حيث ظهرت الدعوات للتخلي ونبذ الصيرفة التجارية الربوية وعدم جواز التعامل مع مؤسسات تساهم او تعمل في انشطة حرمتها الشريعة الاسلامية.

2- أتت الافكار والمتطلبات ثمارها وذلك بتأسيس بنك دبي الاسلامي والبنك الاسلامي للتنمية في عام 1975 مع العلم أن السنوات السابقة والتي تمتد لسنة 1963 لم تخلو من محاولات جادة لانشاء مصارف اسلامية والتي كانت بداياتها ناجحه مثل بنوك الادحار في مصر او تجربة الشيخ احمد ارشاد في الباكستان وغيرها من المحاولات التي لم يكتب لها الاستمرار والنجاح لاسباب عديدة.

3- تميزت الفترة التي اعقبت تأسيس بنك دبي الاسلامي والبنك الاسلامي للتنمية بتزايد سريع لإنشاء البنوك الاسلامية فقد تأسس بنك فيصل الاسلامي المصري وبنك فيصل السوداني وبيت التموسل الكويتي والبنك الاسلامي الاردني والبنك الاسلامي الدولي واستمرت هذه الزيادة في اعداد البنوك الاسلامية حتى وصلت الى اكثر من 267 مؤسسة حتى عام 2001 ويتوقع ان تبلغ موجودات المصارف الاسلامية حتى عام 2013 اكثر من 1.8 ترليون دولار.

4- ان الزيادة الكبيرة في أعداد البنوك والمصارف الاسلامية وارتفاع موجوداتها وسرعة نمو هذه المصارف شجع الكثير من البنوك التقليدية على فتح فروع ونوافذ لممارسة الصيرفة الاسلامية مثل …citibank وhscb….ومصرف باركليز والبنك المتحد السويسري, وغيرها وكذلك لمد جسور التعاون وتبادل المنافع المصرفية فيما بينها.

أسباب تعثر القروض والتسهيلات المصرفية

• الاسباب والآثار :

لكون المصارف لاتستطيع التنبؤ بالمشاكل والعقبات التي تواجهها عند استحقاق القروض واستحصالها, ولكون هذه المشاكل متعدده منها المالية والسياسية والاقتصادية والقانونية وغيرها, بالاضافه الى التغيرات السريعه الكبيره والمفاجئه التي تحدث في الاسواق الاقتصادية عموما والمصرفيه خصوصا, فإن القروض والتسهيلات تبقى تحمل في طياتها عند منحها مخاطر عدم التسديد والتعثر, وكلما صاحب المنح التسرع والانفتاح الغير مدروس فانه يؤدي الى زيادة هذه المخاطر بالصوره التي لايمكن السيطرة عليها. لذلك ان من واجب المصارف ( ادارة المحاطر وادارة الائتمان ) ان تسعى الى التقليل من الخسائر التي يمكن ان يتعرض لها المصرف او تفادي هذه المخاطر والخسائر المحتمله. وهناك اسباب عديدة تؤدي الى ظهور الديون المتعثرة تشترك فيها المصارف الاسلامية والتجارية على حد سواء:

1- عدم جدية الدراسة المقدمة عن القرض المطلوب قبل المنح.
2- عدم تحليل مخاطر الائتمان من حيث الادارة والسوق والظروف والضمانات المحيطه بالزبون او المصرف.
3- عدم متابعة القرض مع الزبون ورصد التجاوزات التي تحصل بين الحين والاخر.
4- استخدام القرض او انواع التسهيلات المقدمه لغير الغرض الذي منح من اجله القرض.
5- اقرار وصرف الائتمان الممنوح دفعه واحده في اغلب الاحيان
6- توسع الزبون في عملياته التجاريه بصوره غير مدروسة.
7- قصور المصرف في الحصول على المعلومات الكاملة والاكيدة عن الزبون.
8- عدم تحليل التدفقات النقدية للزبون .
9- اسباب بيئية (سياسية واقتصادية واجتماعية ).
10- اسباب تشريعية .
11- العوامل الشخصية المؤثرة في منح الائتمان.

• اثار الديون المتعثرة:

ان من الاثار التي تخلفها الديون المثعثره هو تحميل هذه البنوك والمصارف بتكاليف كبيره تستنزف جزء من مواردها الماليه بالاضافه الى الموارد البشريه ومن اهم هذه التكاليف:

1- تكوين مخصص لمجابهة الديون المتعثره .
2- تكاليف متابعة الديون المتعثره واستحصالها بالطرق الودية .
3- تكاليف متابعة الديون المتعثره بالطرق القانونية.
4- تجميد او تعليق احتساب الفوائد .
5- تجمد جزء من اموال المصرف.
6- اهتزاز صورة المصرف لدى المتعاملين .

ان التكاليف اعلاه ليست بالقليلة او الهينة على المصرف, حيث أن جزءا من المصارف تنشأ قسم او شعبة لهذا الغرض مع مايتطلبه ذلك من ضياع للموارد البشرية وصرف رواتب ومستلزمات تشغيلية اضافه الى اجور المحاماة والمتابعة في المحاكم والتي هي في اغلب دول العالم اجراءات طويله ومكلفه واحيانا يضطر المصرف للتنازل عن ايراداته او شطب جزء من أصل الدين لتحصيل بقية الالتزامات بذمة الزبون.

المعالجات :

ان من أهم المعالجات التي تقلل من حجم الديون المعثره في المصارف الاسلامية أو التجاريه, هي عملية تقييم الائتمان بكافة انواعة قبل المنح. وكلما كان التقييم يعتمد ضوابط واليات ومناهج يمكن الاعتماد عليها, كلما قل حجم الديون المتعثرة والعكس صحيح. حتى أن بعض الإئتمانات الممنوحة يمكن الحكم عليها بأنها ديون متعثرة منذ بداية منحها. وهناك طرق ومناهج كثيره متعدده لهذا الغرض نورد قسما منها وبإمكان المصرف اعتماد اكثر من طريقة حسب سياسته المعتمدة :

1-منهج 5pc وتعني :

أ‌- تقويم الزبائن people
ب‌- تقويم الغرض من الائتمان المطلوب purpose.
ت‌- تقويم قدرة الزبون على السداد payment. perspective.[box type=”shadow” align=”alignleft” class=”” width=””]مقالات متعلقة:
الصيرفة الإسلامية… تطور غير كاف
التمويل الإسلامي على مشارف نقطة تحول[/box]
ث‌- تقويم الضمانات protection.
ج‌- التوقعات

2-منهج 5cs و تعني :

أ‌- الشخصية character
ب‌- القدرة capacity
ت‌- رأس المال capital
ث‌- الضمان collateral
ج‌- الظروف المحيطة conditions

إن تحليل وتقويم المفردات المذكورة في المنهجين أعلاه, تُمكن المصرف من تقدير حجم المخاطر التي تكتنف القرض المقدم قبل المباشرة بالموافقه بمنحه, وبالتالي كلما كان يحمل في طياته مخاطر كبيره لعدم التسديد كلما كان العزوف عن منحه اسلم للمصرف وموجوداته والعكس صحيح.

3– طريقة lapp وتعني :

أ‌- السيولة liquidity
ب‌- النشاط activity
ت‌- الربحية profitability
ث‌- التوقع potentials

ويمكن استخراج كل مفردة من المفردات المذكورة اعلاه كما يلي:

اولا: السيولة

نسبة السيولة = الاصول المتداولة / الخصوم المتداولة
نسبة السيولة السريعة = (الاصول المتداولة – المخزون ) / الخصوم المتداولة
راس المال = الاصول المتداولة – الخصوم المتداولة

ثانيا: النشاط

دوران الذمم = المبيعات / الذمم المدينة
معدل فترة التحصيل = الذمم المدينة / المبيعات x360 يوما
دوران المخزون = المبيعات / المخزون
دوران الاصول = المبيعات / مجموع الاصول

ثالثا: الربحية
العائد على الاصول = صافي الدخل / مجموع الاصول
هامش الربح = صافي الربح / المبيعات
العائد على حقوق الملكية = صافي الدخل / حقوق الملكية

رابعا: الامكانيات – التوقع

وتعني فحص قدرة الادارة والموارد البشرية والمالية وكذلك بيان امكانية الشركه الماليه المستقبلية.

4– طريقة التجربة السابقة

أ‌- التاريخ الاقراضي للزبون مع المصرف.
ب‌- الاداء الائتماني للمقترض.
ت‌- معرفة مايقوله الاخرون عن المقترض.[box type=”shadow” align=”alignleft” class=”” width=””]مقالات متعلقة:
أهمية الرقابة الشرعية ودورها في المصارف الإسلامية
يمكن للبنوك الإسلامية أن تطبق «بازل 3» دون صعوبات
احتياجات البنوك الاسلامية على المستوى الدولي
البنوك الخليجية ومعايير السيولة لبازل «3»[/box]

5– طريقة التحليل المالي وتعتمد على:

أ‌- القوائم المالية.
ب‌- قائمة الاصول والحقوق.
ت‌- قائمة الارباح.
ث‌- النسب الماليه.

التنبوء بالفشل والانذار المبكر

إن من واجبات إدارة أي مصرف هو الحفاض على اموال المصرف وموجوداته واستثمارها الاستثمار الأمثل الذي يحقق اكبر عائد ممكن مع تقليل نسبة المخاطر الذي يمكن ان يتعرض لها المصرف نتيجة لمنحه الائتمانات المختلفه. ولذلك ظهرت ضرورة لايجاد طريقه لقياس التنبوء بالفشل التي يمكن أن تصاحب هذا القرض أو ذاك. و اصبحت طرق القياس هذه, واحدة من المعالجات التي تحد من تفاقم الديون المتعثرة وتقيم المشروع المقدم للمصرف لغرض الاقتراض بموجبه وطرق القياس هي :

1- طريقة altmen

Z=1.2×1+1.4×2+3.3×3+0.6×4+1.0×5

والرموز اعلاه تعني:

X1= راس المال / الموجودات
X2=الارباح المحتجزه / مجموع الموجودات
X3=الربح قبل الضريبة / مجموع الموجودات
X4=القيمة التسويقيه للمنشأ / مجموع المطلوبات
X5=المبيعات / مجموع الموجودات

فاذا كان 1.81>z فان الفشل متوقع , اما اذا كان <z2.99 فإن الفشل غير متوقع.

2- نموذج KIDA

Z=1.024×1+0.42×2-0.461×3-0.463×4-0.2715×5

وتعني الرموز اعلاه:

X1=صافي الارباح بعد الضريبه / مجموع الموجودات
X2=صافي حقوق الملكيه / مجموع المطلوبات
X3=الموجودات السائله / المطلوبات المتداوله
X4=المبيعات / مجموع الموجودات
X5=النقدية / مجموع الموجودات فاذا كان صفرz< يكون الفشل متوقع

مؤشرات الانذار المبكر

بالرغم من كل الاحتياطات والتقيمات التي تتخذ قبل المنح لغرض الحفاظ على انسيابية تسديد القروض والتسهيلات, إلا أن وجود البيئه المتغيرة التي تحيط بمختلف الأعمال تؤدي بالرغم من ذلك الى ظهور الديون المتعثرة ولو بنسب قليله وتختلف من بنك الى اخر, ومع ذلك فإن التعثر المالي لدى الافراد والمؤسسات في أغلب الأحيان لا يحدث فجأة و إنما بالتدريج وعلى المصارف ملاحظة المؤشرات التالية لتستطيع أن تحدد من زبائنها من يمر بحالة تعثر مالي. وبالتالي وضع خطه لمتابعة هذا الزبون لمنع تحول ائتمانه الى ديون متعثره. و هذه المؤشرات هي:

1- النقص في السيولة.
2- ارتفاع عدد الأيام التي يتأخر فيها الزبون عند تسديد الذمم المدينة.
3- ارتفاع نسبة الالتزامات قصيرة الاجل الى اجمالي الالتزامات طويلة الاجل والمتوسطة.
4- التباطئ في تقديم الضمانات الاضافيه عند طلبها.
5- وجود سحب على شيكات لازالت برسم التحصيل.

المصدر:

مصرف التعاون الاسلامي للاستثمار.
المستشار محسن عبد حسن.

[box type=”shadow” align=”aligncenter” class=”” width=””]مقالات متعلقة يمكن أن تثير إهتمامكم:

المصارف الإسلامية.
هل تعد البنوك الإسلامية أكثر مرونة خلال الأزمات المالية؟
الإفصاح والشفافية في المصارف الإسلامية.
التمويل الإسلامي .. مواجهة المخاطر بالابتكار والتطوير.
مخاطر صيغ التمويل الإسلامية.[/box]

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم