الجزائر

دعوات لفتح المجال أمام الصيرفة الإسلامية في الجزائر

islamic banks-البنوك الإسلامية

دعا خبراء اقتصاد خلال ملتقى حول الصيرفة الإسلامية في الجزائر الى ضرورة تعديل قانون القرض والنقد بشكل يسمح بإنشاء مؤسسات مالية إسلامية، معتبرين أن هذا الأمر بمثابة حق يكفله الدستور لكل الجزائريين.

ونوّه المشاركون في الملتقى الذي نظمته المدرسة العليا للتجارة بالجزائر, إلى مدى أهمية توفير مختلف المنتجات الإسلامية في السوق المالية الجزائرية، خاصة وأن البلاد تعيش تحت وقع أزمة اقتصادية خانقة جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية, حيث شهدت إيرادات النفط -التي تشكل 60% من تمويل الموازنة العامة- تراجعا حادا بنسبة 50% عام 2015 بما قدره 34 مليار دولار، مما دفع بالحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة شملت اعتماد خطة تقشفية وإلغاء العديد من المشاريع الحكومية، مع توسيع الوعاء الضريبي.

ويرى خبير المالية الإسلامية, العياشي فداد, أن جميع الدول التي يرتبط اقتصادها بمورد واحد هو النفط تأثرت بشكل كبير، معتبرا الظرفية مناسبة للانطلاق في استغلال ما توفره الصيرفة الإسلامية من إمكانيات واعدة ستساهم في مساعدة هذه الدول على إيجاد موارد إضافية لتوظيفها في مشروعات تنموية.

وقال فداد للجزيرة نت إن الظرفية الاقتصادية التي تمر بها الجزائر تشكل فرصة كبيرة للجهات الوصية لأن تلتفت لدور الصيرفة الإسلامية، مشيرا الى أن الحكومة كان بإمكانها خلال الإصدار الأخير للسندات, أن تصدر50% من هذه السندات على الأقل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك في ظل وجود “كتلة نقدية كبيرة جدا غير موظفة في السوق المالية لأسباب تتعلق بموقف الناس الشرعي من المعاملات المصرفية التقليدية”.

في المقابل، قال نبيل جمعة, الخبير في العمليات المالية والمصرفية, أن قانون القرض والنقد الصادر عام 1990 يتضمن فراغا قانونيا يتمثل في غياب أية إشارة الى الصيرفة الإسلامية، لافتا الى أن قانون القرض والنقد المعمول به في الجزائر هو نسخة طبق الأصل من قانون البنك المركزي الألماني، لذلك يعتبر أن الحل يكمن في تعديل القانون وتضمينه مواد قانونية تمكن من إطلاق منتجات إسلامية. وتساءل جمعة عن أسباب إصرار الحكومة على تجاهل المعاملات الإسلامية، رغم أن هذا الأمر برأيه “حق يكفله الدستور الذي تقول مادته الثانية إن الإسلام دين الدولة”.

وعن وجهة نظره بخصوص أسباب غياب المنتجات الإسلامية في السوق المالية الجزائرية، يقول الأستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بالجزائر محمد فرحي أن “الإشكال لا يتعلق بالمنظومة القانونية وإنما غياب إرادة سياسية تراعي خصوصية الأبناك الإسلامية وأدواتها من خلال إعداد قانون خاص بها، أو إضافة فقرات قانونية للقانون الحالي تراعي خصوصية المعاملات الإسلامية.

ورغم تأكيده على وجود فرص قوية جدا لنجاح عملية طرح المنتجات الإسلامية، فإن الأستاذ المساعد بالمدرسة العليا للتجارة بالجزائر إلياس بن خدة, ربط هذا الأمر بتوفر شرطين، الأول وجود إطار تشريعي وتنظيمي، والثاني يتعلق بتوفير الوسائل الاقتصادية والمالية لتطوير السوق النقدي الجزائري من خلال السماح بوجود منتجات إسلامية على مستوى البنك المركزي، مع السماح للمؤسسات المالية بالنشاط وتمكينها من استقطاب الأموال والدخول في السوق المالي والنقدي بين البنوك.

وكخطوات عملية لتطوير البحث في الصيرفة الإسلامية بالجزائر، كشفت المدرسة العليا للتجارة بالجزائر في ختام الملتقى عن إطلاق برنامج الماستر التنفيذي في المالية الإسلامية، بالشراكة مع المجلس العام للمؤسسات المالية، بالإضافة إنشاء مختبر متخصص في المالية الإسلامية يُعني بالجوانب التطبيقية والبحث عن حلول لمشاكل الصيرفة الإسلامية.

وأفاد الدكتور يونس صوالحي، الخبير الجزائري وكبير الباحثين بالأكاديمية العالمية للبحوث في المالية الإسلامية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، أن التأمين الإسلامي، بوصفه “تعاونيا”، بإمكانه لعب دور في التكافل الاجتماعي لتغطية بعض الأخطار بدل الاتكال كليا على الدولة, مؤكدا على إمكانية لعب التأمين الإسلامي دورا أساسيا في خلق اقتصاد أخلاقي وحمايته من أخطار الربا والميسر والغش والفساد، منبها إلى أن النقص في البنية التحتية للتأمين الإسلامي في الجزائر يجعلها بعيدة جدّا عن مواكبة أسواق الخليج وجنوب شرق آسيا اللذين ذهبا بعيدا في تطوير هذه الصناعة الواعدة.

يشار الى أن أصول التأمين الإسلامي تتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار أمريكي، مع توقعات بأن تصل إلى 20 مليار دولار أمريكي مع حلول عام 2020.

ويعتبر التأمين الإسلامي في الجزائر شبه معدوم، حيث لا توجد سوى شركة تأمين إسلامي واحدة، وهي شركة مساهمة اعتمدت من قِبل وزارة المالية عام 2006 ومعظم أسهمها مملوكة لشركة إماراتية. ويرجع صغر حجم سوق التأمين الإسلامي في الجزائر إلى عدة عوامل أهمها :

– غياب الإرادة السياسية من طرف أصحاب القرار.
– قلة وعي العملاء بالفروق الجوهرية بين التأمين الإسلامي والتأمين التقليدي.
– تدني رواتب شرائح واسعة من المجتمع.
– قلة الكوادر البشرية المؤهلة.
– عدم وجود تشريع خاص بالتأمين الإسلامي.
– عدم أهلية القضاء للنظر في قضايا التأمين الإسلامي.
– عدم وجود مراكز التحكيم ومكاتب الوساطة المختصة في فض نزاعات التأمين الإسلامي.
– عدم تطور النظم المعلوماتية.
– عدم كفاءة وشرعية سوق رأس المال لاستثمار موجودات صناديق التأمين الإسلامي.
– عدم وجود البنوك الإسلامية بشكل كاف يُمكن من تسويق منتجات التأمين الإسلامي.
– قلة كفاءة الوكلاء والسماسرة في جذب العملاء.
– انعدام مراكز التدريب لتكوين المتخصص المهني في التأمين الإسلامي، والمستشار الشرعي الذي يجمع بين العلم الشرعي والدراية الفنية بتقنيات التأمين.

وأكّد الدكتور سليمان ناصر, الخبير الجزائري المتخصص في البنوك والمصرفية الإسلامية ، وجود مخاوف لدى مسؤولين في البنك المركزي وفي وزارة المالية تجاه كل نشاط له طابع إسلامي, مشيرا إلى أنه رغم أنّ أصول المصرفية الإسلامية في العالم تناهز التريليوني دولار سنة 2015، وأصول التأمين الإسلامي تتراوح ما بين 10 و12 مليار دولار، إلا أن المسؤولين في الجزائر لا زالوا يربطون تخوفهم من أي نشاط له طابع إسلامي بالمرحلة التي عاشتها البلاد خلال العشرية السوداء حين تم استخدم الدين لأغراض سياسية، وبالتالي يشير إلى اعتقادهم الخاطئ بأن الدين يتم استخدامه هنا أيضا لأغراض اقتصادية.

ولفت ناصر الى حقيقة أن دول العالم أجمع بما فيها الغربية, قد فتحت حاليا المجال أمام المعاملات المالية الإسلامية إقتناعا منها بجدواها, مؤكدا في هذا الإطار أن الوقت قد حان للسلطات الجزائرية لتشرع في التعامل وفقا للمالية الإسلامية بشكل عام ( البنوك الإسلامية، التأمين الإسلامي، الصكوك الإسلامية), وذلك من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي بظلالها على الإقتصاد الجزائري، وكذلك احتراما لدين ومعتقدات الشعب المسلم.

ونبّه ناصر إلى وجود أموال مكتنزة لدى الأفراد كونهم لا يرغبون بإيداعها لدى البنوك التقليدية تجنبا لإختلاطها بالأموال الربوية، بل يُفضلون استثمارها وفق الضوابط الشرعية، بالتالي فإن فتح المجال لإنشاء المزيد من البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامي في الجزائر، مع وضع إطار قانوني يُمكنها من العمل بحرية، من شأنه جذب الملايير المكتنزة إلى البنوك، في ظل ما تعانيه الدولة حاليا من شح في الموارد نتيجة تدهور أسعار النفط، وأضاف ناصر أنه  رغم سعي الحكومة في الوقت الحالي الى تحقيق الأمر، ووضع جميع الإغراءات لإنجاح هذه العملية، فإنها فشلت.

من جهة آخرى دعا الوزير الأسبق عبد القادر سماري, رئيس النادي الاقتصادي الجزائري, إلى العمل على فتح بنوك إسلامية بالجزائر، موضحا أن هذه البنوك الإسلامية ستلعب دورا كبيرا في امتصاص الأموال في السوق الموازية، مشيرا إلى نجاح دول أوربية وإسلامية في استقطاب الأموال الموجودة خارج البنوك بعد فتحها بنوكا إسلامية.

وأكد المدير العام بالنيابة لشركة “سلامة” للتأمينات، بن عربية محمد، أن الجزائر تعرف تأخرا كبيرا في ما يخص اعتماد المصرفية والتأمين الإسلامي, لافتا الى وجود إشارات من وزير المالية بأنه سيكون هناك انفتاح على المالية الإسلامية، حيث سُجل طلب وزارة المالية، عبر مديرية التأمينات، من المجلس الوطني للتأمينات القيام بتنظيم الاستشارات الخاصة بهذا الموضوع، وتقديم مقترحات قانونية ليتم اعتمادها للانفتاح على المالية الإسلامية، بالإضافة لتكوين لجنة للتفكير والتنسيق مع كل الأطراف المعنية لتقديم مقترحات للوزارة لتأخذها بعين الاعتبار لإثراء هذا القانون، والتحضير لاجتماع المجلس الوطني للتأمينات يوم 28 يناير المقبل.

يُذكر أن عدة إستطلاعات أُجريت في وقت سابق قد كشفت وجود ميل شريحة كبيرة من المواطنين في الجزائر الى المعاملات المالية الإسلامية, وتفضيلها على المعاملات المالية التقليدية حتى و إن كانت أكثر تكلفة.

[box type=”shadow” align=”aligncenter” class=”” width=””] إقرأ أيضا…

مكانة الأدوات المالية الإسلامية في النظام المصرفي الجزائري.
البنوك الإسلامية في المغرب العربي: الواقع و التحديات.
خبراء يدعون الى تبني الصيرفة الإسلامية في الجزائر.
الصيرفة الإسلامية في الجزائر.

[/box]

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم