المغرب

المغرب يعول على البنوك الإسلامية لتحفيز النمو الاقتصادي

islamic banks-البنوك الإسلامية

مع بداية العد التنازلي لإنطلاق تجربة البنوك الإسلامية في المغرب, تتنامى شكوك الخبراء حول جدوى إنشاء هذا النوع من البنوك والفوائد التي من الممكن أن تعود بها على المغرب, خصوصا مع الأزمة التي بدأت تلقي بظلاها على هذا البلد العربي نتيجة ضعف سقوط الأمطار مما يهدد الموسم الفلاحي, فضلا عن إنكماش النمو بفعل تداعيات تباطؤ النمو العالمي.

و من المنتظر أن يشهد العام الحالي ولادة أول البنوك الإسلامية بالمغرب، و ذلك بعد سنوات طويلة من الترقب و الإنتظار, تخللها إعتماد بعض خدمات التمويل الإسلامي من خلال تجربة دار الصفاء التي لم تعط النتائج المرجوة منها. وكان المغرب يرفض منذ وقت طويل فكرة الترخيص لفتح البنوك الإسلامية، لكن إفتقار السوق المالية في البلاد إلى السيولة, و الرغبة في جذب المستثمرين الأجانب خاصة من منطقة الخليج, جعل المغرب ينخرط في ميدان الصيرفة الإسلامية من خلال وضع الأسس التشريعية و التنظيمية الكفيلة بإنجاح تجربة البنوك الإسلامية بالمغرب.

ويسمح قانون البنوك التشاركية، الذي تم المصادقة عليه في نوفمبر الماضي لبعض البنوك المغربية أو الأجنبية بما فيها العربية، بتقديم خدمات بنكية إسلامية من قبيل المرابحة والمضاربة والإجارة والمشاركة, و ذلك تحت رقابة اللجنة الشرعية للمالية التشاركية التابعة للمجلس العلمي الأعلى (أعلى مؤسسة دينية بالمغرب)، التي أنيطت بها مهمة الرقابة الشرعية على نشاط البنوك الإسلامية في المغرب.

و كان خبير مغربي قد توقع أن يتبنى المغرب نموذج البنوك الإسلامية في الخليج, مشيرا الى أن ذلك يطرح علامة استفهام، باعتبار أن البنوك الإسلامية في دول الخليج، بنوك ذات طابع تجاري أساسا تعتمد المرابحة، إلا في بعض الاستثناءات, مضيفا في هذا الصدد أن الوضع الاقتصادي في المغرب مختلف عن دول الخليج، لأنه يتوفر على قطاعات مهمة كالفلاحة, و الصناعة, و الخدمات, داعيا الى الإستفادة من تجربة دول مثل السودان و ماليزيا في هذا المجال.

يذكر أن عبداللطيف الجواهري, والي بنك المغرب المركزي، سبق و أن كشف عن إستقبال 11 طلب ترخيص من بنوك مغربية وأجنبية لمزاولة “نشاط التمويل الإسلامي”, و ذلك في ظل سعي عدة فاعلين مصرفيين محليين و أجنبيين إلى الإستحواذ على نصيب من كعكة البنوك الإسلامية بالمغرب. و لم يكشف الجواهري عن موعد إطلاق أول البنوك الإسلامية في المغرب، بينما يشير بعض الخبراء أن الربع الأخير من العام الحالي قد يشهد إنطلاق أول بنك إسلامي بالبلاد.

غير أن مصادر مقربة من البنوك التي وضعت طلبات لدى البنك المركزي للحصول على تراخيص لمزاولة نشاطها في المغرب، أعربت عن مخاوف المستثمرين من لجوء البنك المركزي إلى تعقيد عملها، مما قد يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبلها.

ويستدل خبراء على تجربة المنتجات المصرفية البديلة التي سبق وأن أطلقتها مجموعة من البنوك المغربية قبل سنوات, و كان مصيرها الفشل, مما يشكل هاجسا أمام البنوك الإسلامية بالمغرب، في ظل منافسة للبنوك التقليدية، التي ستسعى حتما للمحافظة على حصتها السوقية.

و قلل د. عبد السلام بلاجي, رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي, من المخاوف المرتبطة بانطلاق عمل البنوك الأبناك الإسلامي بالمغرب. و أضاف بلاجي أن الحكومة تعمل حاليا من خلال اقانون البنوك الجديد والمتعلق بهيئات الائتمان والمؤسسات التي في حكمها، وضمنها البنوك التشاركية (المصارف الإسلامية), على تعديل مدونة التأمينات التي من ضمنها التأمين التكافلي.

وأشارت دراسة أنجزتها مؤسسة “تومسون رويترز” صدرت نتائجها العام الماضي، إلى أنه من المتوقع أن تمثل البنوك الإسلامية ما بين 3 % و5 % من إجمالي أصول القطاع البنكي المغربي بحلول 2018، وتقدر النسبتان المذكورتان بين 5.2 و8.6 مليار دولار على التوالي.

من جهته لفت لحسن الداودي، وزير التعليم العالي المغربي خلال ندوة إلى أن أهم المشاكل التي تواجه البنوك الإسلامية في المغرب هي مدى قدرتها على تحمل التنافسية أمام البنوك التقليدية, فضلا عن ضعف التكوين يف هذا المجال مما يفرض تحديا أمام المغرب في إعداد الكوادر و الأطر البشرية المؤهلة.

وتسعى أغلب البنوك المغربية إلى الحصول على موضع قدم في قطاع الصيرفة الإسلامية، فقد أعلن البنك المغربي للتجارة الخارجية عن تحالفه مع بنك البركة البحريني، في حين توصل البنك التجاري وفا بنك إلى بروتوكول تفاهم مع البنك الإسلامي للتنمية، فيما فضل البنك المركزي الشعبي الدخول في شراكة مع مجموعة غايدانس الأميركية.

بدورها أبدت عدة بنوك إماراتية وكويتية وبحرينية اهتماما بدخول هذا القطاع الحيوي، والذي ينتظر أن يستقطب فئة مهمة من المغاربة تفضل التعامل مع البنوك الإسلامية بدلا من نظيرتها التقليدية, فوفقا لدراسة حديثة أجرتها وكالة رويترز, والمؤسسة الإسلامية للبحوث والتدريب التابعة للبنك الإسلامي للتنمية, و مكتب الاستشارات “زاوية، فقد أعرب 98 ٪ من المغاربة عن إهتمامهم بالمنتجات المصرفية الإسلامية.

ويعتبر المدافعون عن البنوك الإسلامية في المغرب, أن هذه الأخيرة من شأنها جذب شريحة مهمة من الزبائن الذين و كما سبقت الإشارة الى ذلك, يتحفظون على التعامل مع البنوك التقليدية، وهو ما سيمكن من إعطاء دينامية جديدة في اقتصاد المغرب نتيجة ضخ أموال جديدة في السوق. بينما يذهب منتقدو البنوك الإسلامية إلى القول أنها ليست سوى مؤسسات مالية ربحية تمارس نوعا من الاحتيال, بإعتبار أن تكلفتها تظل مرتفعة مقارنة مع البنوك التقليدية، بالنظر إلى أنها تفرض هوامش ربح كبيرة جدا، كما أن خدماتها غير متحددة، مما يضع الزبون أمام خيارات محدودة.

ويأتي توجه المغرب لإعتماد البنوك الإسلامية (تسمى البنوك التشاركية في المغرب) ضمن استراتيجية واسعة للمغرب من ضمن خطوطها الرئيسية قطاع البنوك الإسلامية, و ذلك بهدف الدفع بعجلة النمو الإقتصادي في البلاد. كما أن المغرب يطمح من خلال تبني تجربة البنوك الإسلامية (البنوك التشاركية) الى أن يصبح مركزا قطبا للصيرفة الإسلامية في المنطقة.

و قد دعا عدد من الوزراء و الخبراء المغاربة و الأجانب الى العمل على توفير الشروط المناسبة لإنجاح تجربة البنوك الإسلامية بالمغرب, و ذلك من أجل تقوية تنافسية البلاد في هذا القطاع, حيث يأمل المراقبون في أن تساعد المنتجات البنكية الإسلامية على الإستثمار بدل الإقتصار على المنتجات التجارية الربحية.

و من المتوقع أن يبلغ حجم معاملات البنوك الإسلامية في المغرب نحو مليارات درهم مغربي أي ما يعادل مليار دولار بحلول العام 2018. مما سيُمكن المغرب من أن يصبح بوابة البنوك الإسلامية في إفريقيا و أروبا نظرا لإمتلاكه فروعا كثيرة لمؤسساته البنكية في القارة السمراء.

إقرأ أيضا …

[box type=”shadow” align=”aligncenter” class=”” width=””]

دعوات لدعم البنوك الإسلامية في المغرب.
إشادة دولية بتجربة البنوك الإسلامية بالمغرب.
عام حافل ينتظر البنوك الإسلامية بالمغرب في 2016.
البنوك الإسلامية في المغرب العربي: الواقع و التحديات.

[/box]

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم