قضايا معاصرة

حكم العمل في البنوك الربوية

صورة المسألة:

أن يوَظف شخص في بنك يتعامل بالربا في أي وظيفة, كالمحاسبة و الأمور الادارية الاستشارية و غيرها. فما حكم هذا التوظيف, و ما حكم المال الذي اكتسبه جراء هذا العمل؟

حكم المسألة:

– فيه قولان:

  • القول الأول: الأصل أنه لا يجوز العمل في البنوك الربوية إلا في حالة الضرورة, أو الأعمال التي لا تتعلق بالربا كالكتابة و غيرها. و ممن قال به مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا, و اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة و لجنة الفتوى بالكويت, و دار الإفتاء المصرية (فتوى الشيخ عبد المجيد سليم) و سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
  • القول الثاني: جواز العمل في البنوك الربوية, و قال بذلك بعض العلماء و المعاصرين.

– من أدلة المجيزين:

  1. عموم قول الله تعالى: «فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه».
  2. إنها من قبيل الضرورات التي يجوز للمسلم عند الإضطرار إليها أن يفعلها, بناءا على قاعدة ” الضرورات تبيح المحظورات”, و قاعدة “الحاجة تنزل منزل الضرورة عامة كانت أو خاصة”.

– من أدلة المانعين:

  1. عموم الأدلة في تحريم الربا و عدم التعاون على الإثم.
  2. أن هذا العمل ليس من باب الضرورة, إذ الضرورة تُعرف شرعا بأنها ما لم يتناولها الإنسان هلك أو قارب على الهلاك.

قرارات المجامع الفقهية و الهيئات الشرعية و الفتاوى العلمية

أولا: قرارات المجامع الفقهية:

يرى مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في البيان الختامي للمؤتمر الخامس المنعقد بالمنامة عام 2008 حول حكم العمل في البنوك الربوية, و هذا نصه:

الأصل في العمل في البنوك الربوية أنه غير مشروع لأن النبي ﷺ لعن آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهديه, و قال: “هم فيه سواء”. إلا في المجالات التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابة أو إشهادا أو الإعانة على شئ من ذلك. و قد فصل قرار المجمع هذه المجالات, مع اعتبار الضرورات المُلجئة أو الحاجات التي تتنزل منزلتها, على أن تُقدر بقدرها و يسعى في إزالتها.

ثانيا: قرارات و فتاوى الهيئات الشرعية:

1فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء:

أولا: صدر منا فتوى في حكم العمل في البنوك الربوية برقم (4961) هذا نصها:

إذا كان البنك غير ربوي فما يأخذه الموظف من مرتب أو مكافأة, أجرا على عمله من الكسب الحلال لإستحقاقه إياه مقابل عمل جائز, و إذا كان البنك ربويا فما يأخذه الموظف من مرتب أو مكافأة أجرا على عمله به, حرام. و ذلك لتعاونه مع أصحاب البنك الربوي على الإثم و العدوان, و قد قال الله تعالى: «و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان», و لأن النبي ﷺ لعن آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهديه, و قال: “هم سواء”.

2- قطاع الإفتاء و البحوث الشرعية بالكويت

سئلت لجنة الإفتاء عن موضوع العمل في البنوك الربوية, فأجابت بما يلي:

العمل في البنوك الربوية إذا كان في الوظائف التي يقوم عليها الربا من الإقراض و الإقتراض, و كتابة عقوده و وثائقه, و الشهادة عليه و كفالته, فإنه حرام, و كذلك حسابه و تحصيله إذا علموا أنهم يسهمون بجهودهم في تحصيل الفائدة الربوية.

أما الأعمال الأخرى التي لا علاقة لها بالربا مباشرة كالحساب الجاري و الشيكات و الحوالات, فإنها جائزة. أما الوظائف التي يكون أصل العمل فيها مشروعا و ليس لها صلة مباشرة بالربا كالحراسة و المراسلة و السكرتارية, فنرجو ألا يكون بها بأس لأنها مما عمت به البلوى و يتعذر على القائم التحري في تفاصيل ما يقوم به من أعمال.

3– دار الإفتاء المصرية

سئلت لجنة الإفتاء عن موضوع العمل في البنوك الربوية, فأجابت بما يلي:

مباشرة الأعمال التي تتعلق بالربا من كتابة و غيرها, إعانة على إرتكاب المحرم و كل ما كان ذلك فهو محرم شرعا.

ثالثا: الفتاوى العلمية:

1- فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:

لا ريب أن العمل في البنوك التي تتعامل بالربا غير جائز, لأن ذلك إعانة لهم على الإثم و العدوان, و قد قال الله سبحانه: «و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب», و ثبت عن النبي ﷺ أنه لعن آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهديه, و قال: هم سواء.

أما وضع المال في البنوك بفائدة شهرية أو سنوية, فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء, أما وضعه بدون فائدة فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا, لأن وضع المال عنده و لو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية, فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم و العدوان و إن لم يُرد ذلك. فالواجب الحذر مما حرم الله و التماس الطرق السليمة لحفظ الأموال و تصريفها. وفق الله المسلمن لما فيه سعادتهم و عزهم و نجاتهم و يسر لهم العمل السريع لإيجاد بنوك اسلامية سليمة من أعمال الربا, إنه و لي ذلك و القادر عليه. و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه.

المراجع:

  1. المؤتمر الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا المنعقد بمملكة البحرين عام 2008.
  2. مجموعة الفتاوى الشرعية لقطاع الإفتاء و البحوث الشرعية بالكويت ( 309-278-277/2).
  3. فتاوى دار الإفتاء المصرية في المعاملات .

 

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الموقع يعتمد على الاعلانات لكي يستمر. المرجو دعمنا من خلال تعطيل مانع الاعلانات و شكرا لتفهمكم